
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثمّ قال (1): (هذا قطب الإشارة إليه على ألسن علماء هذا الطّريق، وإن زخرفوا له نعوتًا، وفصَّلوه فصولًا). يعني: أنَّ قولهم: «التّوحيدُ هو إسقاطُ الحدَث وإثبات القِدَم» هو قطبُ مدار الإشارات إلى التّوحيد عند هذه الطّائفة.
ومع هذا، فلا يصحُّ التّوحيدُ إلّا بإسقاط ما قالوه. ولذلك قال (2): (فإنّ ذلك التّوحيدَ تزيده العبارةُ خَفاءً، والصِّفة نُفورًا، والبسطُ صعوبةً). فإنّه إذا لم يصحَّ إلّا بإسقاط الإشارة والصِّفة والبسط كانت العبارةُ عنه لا تزيده إلّا خفاءً، ولا الصِّفةُ إلّا نِفارًا، أي هروبًا وذهابًا، والبسطُ والإيضاحُ لا يزيده إلّا صعوبةً لكثرة الإشارات والعبارات.
قوله (3): (وإلى هذا التّوحيد شخَصَ أهلُ الرِّياضة وأربابُ الأحوال ــ أي تطلّعت (4) قلوبُهم ــ وله قصَد أهلُ التّعظيم. وإيّاه عنى المتكلِّمون في عين الجمع. وعليه تصطلم الإشارات، ثمّ لم ينطق عنه لسانٌ، ولم تشر إليه عبارةٌ) (5).
فيقال: يالله العجب! ما هذا السِّرُّ الذي ما تكلَّم الله به، ولا أشار إليه هو ولا رسولُه، ولا نالته إشارةٌ، ولا قامت به عبارةٌ، ولا أشار إليه مكوَّنٌ، ولا