{انْظُرُوا}
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تُغنِ عنهم شيئًا. وهذا إنّما يكون في حقِّ من خرج عن موجَب العقل الصَّريح والفطرة الصَّحيحة. ولو لم يكن في صريح العقل ما يدلُّ على ذلك لم يكن في قوله تعالى:
{انْظُرُوا}
و
{اعتبروا}
و
{سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا}
فائدةٌ، فإنّهم يقولون: عقولُنا لا تدلُّ على ذلك، وإنّما هو مجرَّدُ إخبارك، فما هذا النّظرُ والتّفكُّرُ والاعتبارُ والسَّيرُ في الأرض؟ وما هذه الأمثال المضروبة والأقيسة العقليّة والشّواهد العيانيّة؟ أفليس في بعض ذلك أظهرُ دليلٍ على أنَّ حسنَ التّوحيد والشُّكر وقبحَ الشِّرك والكفر مستقرٌّ في العقول والفطر، معلومٌ لمن له قلبٌ حيٌّ وعقلٌ سليمٌ وفطرةٌ صحيحةٌ؟ قال تعالى:
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الزمر: 27].
وقال تعالى:
{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43].
وقال تعالى:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]
. وقال تعالى:
{يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج: 46].
وقال تعالى:
{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} [البقرة: 219].
وقال تعالى:
{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101].
وقال تعالى:
{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم: 25].
ومن بعض أدلَّته العقليّة: ما أبقاه الله سبحانه من آثار عقوبات أهل