مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

6345 2

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

شيءٌ أعظمَ من هذا التّوحيد لَدفَع الشِّركَ الأعظمَ. ولعظمته وشرفه، نُصِبت عليه القبلة وأُسِّست عليه الملَّة، ووجبت به الذِّمّة، وحُقِنت به الدِّماء وانفصلت به دارُ الكفر من دار الإسلام، وانقسم به النّاس إلى سعيدٍ وشقيٍّ، ومهتدٍ (1) وغويٍّ، ونادت عليه الكتب والرُّسل. وقوله: (وإن لم يقوموا بحسن الاستدلال)، يعني: هو مستقِرٌّ في قلوب أهله، وإن كان أكثَرُهم لا يحسن أن يقوم بحسن الاستدلال (2) عليه تقريرًا وإيضاحًا، وجوابًا عن المعارض، ودفعًا لشُبه المعاند. ولا ريب أنَّ أكثرَ النّاس لا يُحسنون ذلك، وهذا قدرٌ زائدٌ على وجود التَّوحيد في قلوبهم. فما كلُّ مَن وجَد شيئًا وعلِمَه وتيقَّنَه أحسَنَ أن يستدِلَّ عليه، ويقرِّرَه، ويدفعَ الشُّبه القادحة فيه. فهذا لونٌ، ووجوده لونٌ. ولكن لابدَّ ــ مع ذلك ــ من نوع استدلالٍ قام عنده، وإن لم يكن على شروطِ الأدلّة التي ينظِّمها أهلُ الكلام وغيرهم وترتيبِها، فهذه ليست شرطًا في التّوحيد, لا في معرفته والعلم به، ولا في القيام به عملًا وحالًا. فاستدلالُ كلِّ أحدٍ بحسبه، ولا يحصي أنواعَ الاستدلال ووجوهَه ومراتبَه إلّا الله. فلكلِّ قومٍ هادٍ، ولكلِّ علمٍ صحيحٍ ويقينٍ دليلٌ يُوجبه، وشاهدٌ يصحُّ به. وقد لا يمكن صاحبَه التَّعبيرُ عنه عجزًا وعيًّا، وإن عبَّر عنه فقد لا يمكنه التَّعبيرُ عنه باصطلاح أهل العلم وألفاظهم. وكثيرًا ما يكون الدَّليلُ الذي عُرِفَ به الحقُّ أصَحَّ من كثيرٍ من أدلّة المتكلِّمين ومقدِّماتها، وأبعدَ عن الشُّبه، وأقربَ تحصيلًا للمقصود وإيصالًا إلى المدلول عليه. 

الصفحة

505/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !