{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ} [البقرة: 196]
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لأنّ المعنى: شهد الله أنَّ الدِّين عنده الإسلام؛ فلِمَ عدَلَ إلى لفظ الظّاهر؟ قيل: هذا يرجِّح قراءةَ الجمهور وأنَّها أحسنُ وأفصحُ، ولكن يجوز إقامةُ الظَّاهر مقام المضمَر، وقد ورد في القرآن وكلام العرب كثيرًا. قال تعالى:
{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ} [البقرة: 196]
وقوله:
{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 69].
وقال تعالى:
{تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ} [الأعراف: 170].
قال ابن عبّاسٍ (1): افتخر المشركون بآبائهم، فقال كلُّ فريقٍ منهم: لا دين إلّا دين آبائنا وما كانوا عليه، فأكذبهم الله تعالى، وقال:
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}
يعني الذي جاء به محمّدٌ، وهو دينُ الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم، ليس لله دينٌ سواه،
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]
. وقد دلَّ قولُه:
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}
على أنّه دينُ أنبيائه ورسله وأتباعهم من أوّلهم إلى آخرهم، وأنّه لم يكن لله قطُّ ولا يكون له دينٌ سواه. قال أوَّلُ الرُّسل نوحٌ:
{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 72].
وقال إبراهيم وإسماعيل:
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128]
،
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].
وقال يعقوب لبنيه عند الموت:
{مَا تَعْبُدُونَ مِنْ