{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28]

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
على كسرها على الاستئناف، وفتحَها الكسائيُّ وحده (1). والوجهُ: هو الكسر، لأنّ الكلام الذي قبله قد تَمَّ، فالجملة الثّانية مقرِّرةٌ مؤكِّدةٌ لمضمون ما قبلها. وهذا أبلغُ في التّقرير، وأذهبُ في المدح والثّناء. ولهذا كان كسرُ «إنَّ» في قوله:
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28]
أحسَنَ من الفتح (2)، وكان الكسرُ في قول الملبِّي: «لبّيك، إنّ الحمد والنِّعمة لك» أحسنَ من الفتح.
وقد ذُكِر في توجيه قراءة الكسائيِّ ثلاثةُ أوجهٍ (3):
أحدها: أن تكون الشَّهادةُ واقعةً على الجملتين، فهي واقعةٌ على
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}
فهو المشهود به، ويكون فتحُ «أنّه» من قوله
{أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
على إسقاط حرف الجرِّ، أي لأنَّه (4) لا إله إلّا هو، وهذا توجيه الفرّاء (5). وهذا ضعيفٌ جدًّا، فإنّ المعنى على خلافه، وأنّ المشهود به هو نفسُ قوله:
{أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
، فالمشهود به «أنّ» وما في حيِّزها، والعنايةُ إلى هذا صرفت، وبه حصلت. ولكن لهذا القول ــ مع ضعفه ــ وجهٌ، وهو أن يكون المعنى: شهد الله بتوحيده أنَّ الدِّين عنده الإسلام. والإسلام