أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]
، وقوله:
{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد: 19]
، وقوله:
{(26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ} [الرعد: 27]
يعني: أنَّ الآيةَ التي يقترحونها لا تُوجِب هدايةً، بل الله هو الذي يهدي ويضلُّ. ثمّ نبَّههم على أعظمِ آيةٍ وأجلِّها، وهي: طمأنينةُ قلوب المؤمنين بذكره الذي أنزله، فقال:
{(27) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} أي بكتابه وكلامه {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ} [الرعد: 28].
فطمأنينةُ القلوب الصَّحيحة والفِطَر السَّليمة به وسكونُها إليه من أعظم الآيات، إذ يستحيل في العادة أن تطمئنَّ القلوبُ وتسكنَ إلى الكذب والافتراء والباطل. فإن قيل: فلِمَ لا ذَكَر (1) سبحانه شهادةَ رسله مع الملائكة، فقال: شهد الله أنّه لا إله إلّا هو والملائكةُ والرُّسلُ (2)، وهم أعظم شهادةً من أولي العلم؟ قيل: في ذلك عدّة فوائد: أحدها: أنّ أولي العلم أعمُّ من الرُّسل والأنبياء، فيدخلون هم وأتباعهم.