{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وختم الآية بقوله:
{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
فتضمَّنت الآيةُ توحيده، وعدله، وعزّته، وحكمته. فالتّوحيد يتضمَّن: ثبوتَ صفاتِ كماله ونعوتِ جلاله، وعدمَ المماثل له فيها، وعبادتَه وحده لا شريك له. والعدل يتضمَّن: وضعَه الأشياء مواضعَها وتنزيلَها منازلَها، وأنّه لم يخُصَّ منها شيئًا عن شيء إلّا بمخصِّصٍ اقتضى ذلك، وأنّه لا يعاقِبُ مَن لا يستحقُّ العقوبة، ولا يمنع مَن يستحقُّ العطاء، وإن كان هو الذي جعله مستحِقًّا. والعزَّةُ تتضمّن كمالَ قدرته وقوّته وقهره. والحكمةُ تتضمَّن: كمالَ علمه وخبرته، وأنّه أمَر ونهى وخلَق وقدَّر لما له في ذلك من الحِكَم والغايات الحميدة التي يستحقُّ عليها كمالَ الحمد. فاسمه «العزيز» يتضمَّن الملك، واسمه «الحكيم» يتضمَّن الحمد، وأوّلُ الآية يتضمَّن التّوحيد. وذلك حقيقة «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ»، وذلك أفضل ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنّبيُّون من قبله (1). والحكيم: الذي إذا أمر بأمرٍ كان حسنًا في نفسه، وإذا نهى عن شيءٍ كان قبيحًا في نفسه، وإذا أخبر بخبرٍ كان صدقًا، وإذا فعَلَ فعلًا كان صوابًا، وإذا