{قَائِمًا بِالْقِسْطِ}

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إلّا ــ فالمعنى: أنّه وحدَه الإلهُ (1) قائمًا بالعدل، فهو وحدَه المستحقُّ للإلهيَّة مع كونه قائمًا بالقسط. قال شيخنا (2): وهذا التّقدير أرجح، فإنّه يتضمَّن أنّ الملائكة وأولي العلم يشهدون له بأنّه لا إله إلّا هو، وأنّه (3) قائمٌ بالقسط.
قلتُ: مراده أنّه إذا كان قوله
{قَائِمًا بِالْقِسْطِ}
حالًا من المشهود به، فهو كالصِّفة له، فإنّ الحال صفةٌ في المعنى؛ فإذا وقعت الشَّهادةُ على ذي الحال وصاحبها كان كلاهما مشهودًا به، فيكون الملائكة وأولو العلم قد شهدوا بأنّه قائمٌ بالقسط، كما شهدوا بأنّه لا إله إلّا هو. والتّقدير الأوّل لا يتضمَّن ذلك، فإنّه إذا كان التّقدير: شهد الله قائمًا بالقسط أنّه (4) لا إله إلّا هو، والملائكة وأولو العلم يشهدون أنّه لا إله إلّا هو= كان القيامُ بالقسط حالًا من اسم الله وحده. وأيضًا فكونُه قائمًا بالقسط فيما شهد به أبلَغُ من كونه حالًا من مجرَّد الشاهد (5).
فإن قيل (6): فإذا كان حالًا من «هو» فهلَّا اقترن به؟ ولم فُصِل بين صاحب الحال وبينها بالمعطوف، فجاء متوسِّطًا بين صاحب الحال وبينها؟
قلتُ: فائدته ظاهرة، فإنّه لو قال: «شهد الله أنّه لا إله إلّا هو قائمًا