مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وطَلاقة الوجه، فيفرش له بساط الأُنس ويُجلِسه عليه، فهو أحبُّ إليه من الفُرُش الوثيرة.
وسئل محمّد بن عليٍّ القصّاب (1) أستاذ الجُنيد عن التّصوُّف؟ فقال: أخلاقٌ كريمةٌ، ظهرت في زمانٍ كريمٍ، من رجلٍ كريم، مع قومٍ كرامٍ (2).
وبالجملة: فهذه الطّريق لا تنافي اللُّطفَ والظَّرْفَ والصَّلَف (3)، بل هي أصلف شيءٍ، ولكن هاهنا دقيقةٌ قاطعةٌ وهي: الاسترسال مع هذه الأمور، فإنّها أقطع شيءٍ للمريد والسّالك، فمن استرسل معها قطعَتْه، ومَن عاداها بالكلِّيّة وعّرَت عليه طريقَ سلوكِه، ومَن استعان بها أراحَتْه في طريقه، وأراحت غيرَه به، وبالله التّوفيق.
فصل
وأهل هذه الطّبقة، أثقل شيءٍ عليهم البحث عن ماجَرَيات (4) النّاس، وطلب تعرُّف أحوالهم، وأثقل ما على قلوبهم سماعُها، فهم مشغولون عنها بشأنهم، فإذا اشتغلوا بما لا يَعنيهم منها فاتهم ما هو أعظم عنايةً لهم، وإذا عَدّ غيرُهم الاشتغالَ بذلك وسماعَه من باب الظَّرْف والأدب، وستر الأحوال= كان هذا من خُدَع النُّفوس وتلبيسها، فإنّه يحطُّ الهممَ العالية مِن أوْجها إلى