«حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله»

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأجمع المسلمون على أنّ الكافر إذا قال: لا إله إلّا الله، محمّدٌ رسول الله، فقد دخل في الإسلام، وشهد شهادة الحقِّ، ولم يتوقَّف إسلامُه على لفظ الشّهادة، وقد دخل في قوله:
«حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله»
وفي اللفظ الآخر:
«حتّى يقولوا لا إله إلّا الله» (1).
فدلَّ على أنَّ مجرَّدَ قولهم: «لا إله إلّا الله» شهادةٌ منهم. وهذا أكثر من أن تذكر شواهده في الكتاب والسُّنّة. فليس مع من اشترط لفظ الشّهادة دليلٌ يعتمد عليه، والله أعلم (2). فصل وأمّا مرتبة الإعلام والإخبار، فنوعان: إعلامٌ بالقول، وإعلامٌ بالفعل. وهذا شأنُ كلِّ مُعْلِمٍ لغيره بأمرٍ: تارةً يُعلِمه به بقوله، وتارةً بفعله. ولهذا كان من جعل داره مسجدًا، وفتَح بابها لكلِّ من دخل إليها، وأَذِن في الصّلاة فيها= مُعْلِمًا أنّها وقفٌ، وإن لم يتلفَّظ به. وكذلك من وُجِدَ متقرِّبًا إلى غيره بأنواع المَسَارِّ، مُعْلِمًا له ولغيره أنّه يحبُّه، وإن لم يتلفَّظ بقوله. وكذلك بالعكس. وكذلك شهادةُ الرَّبِّ ــ جلَّ جلالُه ــ وبيانُه وإعلامُه يكون بقوله تارةً،