{قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130].
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قصّة ماعزٍ: فلمّا شهد على نفسه أربعَ مرّاتٍ رجَمَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (1). وقال تعالى:
{قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130].
وهذا وأضعافُه يدلُّ على أنّ الشَّاهدَ عند الحاكم وغيره لا يشترط في قبول شهادته أن يتلفَّظَ بلفظ الشّهادة، كما هو مذهب مالكٍ وأهل المدينة وظاهرُ كلام أحمد (2)، ولا يُعرَف عن أحدٍ من الصَّحابة ولا التَّابعين اشتراطُ ذلك.
وقد قال ابن عبَّاسٍ: شهد عندي رجالٌ مرضيُّون ــ وأرضاهم عندي عمر ــ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصّلاة بعد الصُّبح حتّى تطلعَ الشَّمس، وبعد العصر حتّى تغربَ الشَّمس (3). ومعلومٌ أنّهم لم يتلفَّظوا بلفظ الشّهادة.
والعشرةُ الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنّة، لم يتلفَّظ في شهادته لهم بلفظ الشّهادة، بل قال:
«أبو بكرٍ في الجنّة، وعمر في الجنّة، وعثمان في الجنّة، وعليٌّ في الجنّة»
الحديث (4).