{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150].
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمّا مرتبة التّكلُّم والخبر، فمَن تكلّم بشيءٍ وأخبر به فقد شهد به، وإن لم يتلفّظ بالشّهادة. قال تعالى:
{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150].
وقال تعالى:
{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].
فجعل ذلك منهم شهادةً، وإن لم يتلفَّظوا بلفظ الشّهادة، ولم يؤدُّوها عند غيرهم. وقال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«عدَلت شهادةُ الزُّور الإشراكَ بالله» (1).
وشهادةُ الزُّور هي قول الزُّور، كما قال تعالى:
{قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30 - 31].
وعند (2) هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«عدَلت شهادةُ الزُّور الإشراكَ بالله»
، فسمّى قول الزُّور شهادةً. وسمّى الله سبحانه إقرارَ العبد على نفسه شهادةً، كما قال تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135].
فشهادةُ المرء على نفسه: هي إقرارُه على نفسه. وفي الحديث الصّحيح في