
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فقوله: (أشاروا إلى منزلٍ، وهم في غيره). مثاله: أنّهم يتكلّمون في التّوبة والمحاسبة وهم في منزل المحبّة والفناء.
وقوله: (وورَّوا بأمرٍ، وهم بغيره). التّورية: أن يَذكر لفظًا يَفهم به المخاطَب معنًى وهو يريد غيرَه، مثاله: يقول أحدكم (1): أنا غنيٌّ. فيوهم المخاطَب أنّه غنيٌّ بالشّيء. ومراده غنيٌّ بالله عنه. كما قال (2):
غَنيتُ بلا مالٍ عن النّاس كلِّهم ... وإنّ الغنى العالي عن الشّيء لا به
ويقول: ما صحّ لي مقام التّوبة بعدُ. ويريد: ما صحّت لي التّوبة عن رؤية التّوبة، ونحو ذلك.
قوله: (ونادوا على شأنٍ، وهم على غيره) أي: عظّموا شأنًا من شؤون القوم، فيدعوا (3) النّاس إليه، وهم في أعلى منه. وهذا قريبٌ ممّا قبله.
قوله: (فهم بين غيرةٍ عليهم تسترهم) أي: يغار الحقُّ سبحانه عليهم، فيسترهم عن الخلق، ويغارون على أحوالهم ومقاماتهم، فيستترون (4) عن رؤية الخلق لها، كما قيل (5):