{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25].

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
قال (1): (باب التفريد. قال الله تعالى:
{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25].
التفريد: اسمٌ لتخليص (2) الإشارة إلى الحقِّ، ثمَّ بالحقِّ، ثمَّ عن الحقِّ).
الشّيخ - رحمه الله - جعل التفريد غير التجريد وجعله بعده، والفرق بينهما: أنّ التجريد انقطاعٌ عن الأغيار، والتفريد إفراد الحقِّ بالإيثار، فالتجريد متعلِّقٌ بالعبوديّة، والتفريد متعلِّق بالمعبود، وجعله ثلاث درجاتٍ: تخليص (3) الإشارة إلى الحقِّ، ثمَّ به، ثمَّ عنه. فهاهنا أمران، أحدهما: تخليص الإشارة، والثّاني: متعلَّق الإشارة.
فأمّا تخليصها: فهو تجريدها ممّا يزاحمها ويخالطها. وأمّا متعلَّقها فثلاثة أمورٍ: الإشارة إلى الحقِّ، وبه، وعنه. فالإشارة إليه غايةٌ، والإشارة به وجودٌ، والإشارة عنه إخبارٌ وتبليغٌ. فمن خلصت إشارته إلى الحقِّ كان من المخلصين، ومن كانت إشارته به فهو (4) من الصّادقين، ومن كانت إشارته عنه فهو من المبلِّغين (5)، ومن اجتمعت له الثّلاثة فهو من الأئمّة العارفين،