مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقد أخطأ أقبحَ خطأٍ من اشتَقَّ له من كلِّ فعلٍ اسمًا، وبلغ بأسمائه زيادةً على الألف، فسمّاه الماكر والمُخادع والفاتن والكائد ونحو ذلك. وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسعُ من تسميته به، فإنّه يُخبَر عنه بأنّه شيءٌ وموجودٌ ومذكورٌ ومعلومٌ ومرادٌ ولا يُسمّى بذلك. فأمَّا الواجد فلم تجئ تسميته به إلّا في حديث تعداد الأسماء الحسنى (1)، والصحيح: أنّه ليس من كلام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه صحيحٌ، فإنه ذو الوجد والغنى، فهو أولى بأن يُسمَّى به من الموجود ومن المُوجِد. أمّا الموجود (2) فإنّه منقسمٌ إلى كاملٍ وناقصٍ، وخيرٍ وشرٍّ، وما كان مسمّاه منقسمًا لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى، كالشيء والمعلوم، ولذلك لم يُسَمَّ بالمريد ولا بالمتكلِّم، وإن كان له الإرادة والكلام، لانقسام مسمّى المريد والمتكلِّم. وأمّا المُوجِد فقد سمّى نفسه بأكمل أنواعه، وهو الخالق البارئ المصوِّر، فالمُوجِد كالمُحدِث والفاعل والصّانع. وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى، فتأمَّلْه، وبالله التّوفيق. فصل الظَّفَر بحقيقة الشّيء، إن كان في باب العلم والمعرفة فهو معرفةٌ تجري فوق حدود العلم، وإن كان للمعاين كان معاينةً، وهو فوق المعرفة، وإن كان للطّالب فهو جمعيَّتُه له بكلِّه على مطلوبه، وإن كان لصاحب الجَمْع كان