يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]
، ومعناه: أنّه يجد ما ظنّه من مغفرة الله، فيجد مغفرة الله له حاصلةً. وكذلك:
{شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} [النور: 39]
، فهذا وجدان الكافر لربِّه عند حسابه له على أعماله، وليس هذا هو الوجود الذي يشير إليه القوم، بل منه الأثر المعروف:
«ابنَ آدم، اطلُبْني تجِدْني، فإن وجدتَني وجدتَ كلّ شيءٍ، وإن فتُّك فاتَك كلُّ شيءٍ، وأنا أَحبُّ إليك من كلِّ شيءٍ» (1)
، ومنه الحديث:
«أنا عند ظنِّ عبدي بي» (2)
، ومنه الأثر الإسرائيليُّ:
أنّ موسى - صلى الله عليه وسلم - قال: يا ربِّ أين أجدُك؟ قال: عند المنكسرةِ قلوبُهم من أجلي (3).
ومنه الحديث الصّحيح:
«إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة: عبدي، استطعمتُك فلم تُطعِمْني، قال: يا ربِّ كيف أُطعِمك وأنت ربُّ العالمين؟ قال: استطعمَك عبدي فلانٌ فلم تُطعِمه، أَمَا لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي. عبدي، استسقيتُك فلم تَسْقِني، قال: يا ربِّ كيف أَسْقِيك (4) وأنت ربُّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلانٌ فلم تَسْقِه، أَمَا لو سقيتَه لوجدتَ ذلك عندي. عبدي، مرضتُ فلم تَعُدْني، قال: يا ربِّ، كيف أعودك وأنت ربُّ العالمين؟ قال: مرض عبدي فلانٌ فلم تعده، أَمَا لو عُدْتَه لوجدتَني عنده» (5).
فتأمّلْ قولَه في الإطعام والإسقاء:
«لوجدتَ ذلك عندي»
أي: لوجدتَ