مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ودُرْ معها حيث دارت، ناظرًا إلى مَن أزِمَّتُها بيديه، والتفتْ إليها التفاتَ العبد المأمور إلى تنفيذِ ما أُمِر به والتّحديقِ نحوه، وارْعَها حقَّ رعايتها، ولا تَغِبْ عنها ولا تَفْنَ عنها، بل انظر إليها وهي في رتبتها التي أنزلها الله إيّاها. واعلم أنّ غيبتك بمسبِّبها عنها نقصٌ في عبوديّتك، بل الكمال أنّ تشهد المعبود، وتشهد قيامك بعبوديّته، وتشهد أنّ قيامك به لا بك، ومنه لا منك، وبحوله وقوّته لا بحولك وقوّتك. ومتى خرجتَ عن ذلك وقعتَ في انحرافين، لابدَّ لك من أحدهما: إمّا أن تغيب بها عن المقصود لذاته، لضعف نظرك وعقلك، وقصور علمك ومعرفتك، وإمّا أن تغيب بالمقصود عنها، بحيث لا تلتفت إليها. والكمالُ أن يُسلِّمك الله من الانحرافين، فتبقى عبدًا ملاحظًا للعبوديّة، ناظرًا إلى المعبود، والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله. * * * *