مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

3890 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الشّرائع كلّها تلبيسٌ، بأيِّ معنًى فُسِّر التلبيس؟ ولعمر الله، لقد كان في غنيةٍ عن هذا الباب وعن هذه التّسمية، ولقد أفسد الكتاب بذلك. هذا، ولا يُجهَل محلُّ الرجل من العلم والسُّنّة، وطريق السُّلوك وآفاته وعلله، ولكن قصْدَه تجريدَ توحيد الأفعال والرُّبوبيّة قاده إلى ذلك، وانضمَّ إليه اعتقادُه أنَّ الفناء في هذا التوحيد هو غاية السُّلوك ونهاية العارفين، وساعده اعتقادُ كثيرٍ من المنتسبين إلى السُّنَّة، الرادِّين على القدريَّة في الأسباب: أنها لا تأثير لها البتَّة، ولا فيها قوًى، ولا يفعل الله شيئًا بشيءٍ ولا شيئًا لشيءٍ، فينكرون أن يكون في أفعاله باءُ تسبيبٍ أو لام تعليلٍ، وما جاء من ذلك حملوا الباء فيه على المصاحبة، واللّام فيه على لام العاقبة، وقالوا: يفعل الله الإحراق والإغراق والإزهاق عند ملاقاة النار والماء والحديد، لا بها ولا بقوًى فيها، ولا فرق ــ في نفس الأمر ــ بينها وبين الهواء والتُّراب والخشب، وانضمَّ إلى ذلك أنَّ العبد ليس بفاعلٍ أصلًا، وإنّما هو منفعلٌ محضٌ، ومحلٌّ لجريانِ تصاريف الأحكام عليه، وأنّ الفاعل فيه سواه، والمحرِّك له غيره، وإذا قيل: إنّه فاعلٌ أو متحرِّكٌ فهو تلبيسٌ. فهذه الأصول أوجبت هذا التّلبيسَ على نفاة الحكم والأسباب، وقابلهم آخرون، فمزّقوا لحومهم كلَّ ممزّقٍ، وفَرَوْا أديمَهم، وقالوا: عطّلتم (1) الشّرائع والثّواب والعقاب، وأبطلتم حقيقة الأمر والنّهي، فإنّ (2)

الصفحة

374/ 556

مرحبًا بك !
مرحبا بك !