مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

3120 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

ورِضاه عمّن رضي عنه، الموجبينِ لوصل من وصله، وقطْعِ من قطعه. ومراده: أنّ هذا هو السبب الصحيح في نفس الأمر، وهو رضاه وسخطه، وإنّما لبّس سبحانه على أهل التّفرقة الأمرَ بما ذكره من الجنايات والطّاعات، والعلل والحجج، ولا سببَ في الحقيقة إلّا رضاه وسخطه، وذلك لا علّة له، فالرِّضا هو الذي أوجب المثوبة لا الطّاعة، والسُّخط هو الذي أوجب العقوبة لا المعصية، والمشيئة هي التي أوجبت الحكم لا الوسائط، فأخفى الرّبُّ سبحانه ذلك عن خلقه، وأظهر لهم أسبابًا أُخر علّقوا (1) بها الأحكام، وذلك تلبيسٌ من الحقِّ عليهم. فأهل التّفرقة وقفوا مع هذا التّلبيس، وأهل الجمع صعدوا عنه، وجاوزوه إلى مصدرِ الأشياء كلِّها ومُوجدِها بمشيئته فقط. وبالغ الشيخ في ذلك حتّى جعل الرِّضا والسُّخط يُظهِران السعادة والشقاوة، ولم يجعل الرِّضا والسُّخط مؤثِّرينِ فيهما، وذلك لأنّ السّعادة والشّقاوة سبقت عنده سبقًا محضًا مستندًا إلى محض المشيئة لا علّةً لهما، والرِّضا والسُّخط أظهرا ما سبقَ به التقدير من السعادة والشقاوة. فهذا أحسنُ ما يقال في شرح كلامه وتقريره وحَمْلِه على أحسن الوجوه وأجملها. فأمّا ما فيه من التوحيد وانتهاء الأمور إلى مشيئة الربِّ جلّ جلاله، وأنّه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن= فذلك عقد نظام الإيمان، ومع ذلك فلا يكفي وحده، إذ غايته تحقيق توحيد الرُّبوبيّة الذي لم يكن ينكره عُبَّاد الأصنام. 

الصفحة

370/ 556

مرحبًا بك !
مرحبا بك !