{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 42].
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يظهر منهما. والتلبيس: يُشبِه التَّعمية والتخليط، ومنه (1) قوله:
{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 42].
فصل قال الشّيخ (2): (وهو اسمٌ لثلاث معانٍ، أوّلها: تلبيس الحقِّ بالكون على أهل التّفرقة، وهو تعليقه الكوائنَ بالأسبابِ والأماكنِ والأحايينِ، وتعليقه المعارفَ بالوسائط، والقضايا بالحجج، والأحكام بالعلل، والانتقام بالجنايات، والمثوبة بالطاعات، وأخفى الرِّضا والسُّخط اللَّذَين يوجبان الفصل والوصل، ويُظهِران السعادة والشقاوة). شيخ الإسلام - رحمه الله - حبيبنا، والحقُّ أحبُّ إلينا منه، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: عمله خيرٌ من علمه. وصدق - رحمه الله -، فسيرته في الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر وجهادِ أهل البدع لا يُشَقُّ له فيها غبارٌ، وله المقامات المشهورة في نَصْر الله ورسوله، وأبى الله أن يكسوَ ثوب العصمة لغير الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى. وأخطأ - رحمه الله - في هذا الباب لفظًا ومعنًى. أمّا اللفظة: فتسميتُه فعْلَ الله الذي هو حقٌّ وصوابٌ وحكمةٌ، وحكْمَه الذي هو عدلٌ وإحسانٌ، وأمْرَه الذي هو دينه وشرعه= «تلبيسًا». فمعاذَ الله ثمَّ معاذ الله من هذه التسمية! ومعاذَ الله من الرِّضا بها، والإقرار عليها، والذبِّ عنها، والانتصار لها. ونحن نشهد بالله أن هذا تلبيسٌ على شيخ الإسلام،