مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

6237 2

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

العلامة الثالثة: قوله: (ولم يُشِر إليهم بالأصابع) يريد: أنّهم لخفائهم عن النّاس لم يُعرفوا بينهم حتّى يشيروا إليهم بالأصابع.

وفي الحديث المعروف عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

«لكلِّ عاملٍ شرّةٌ ولكلِّ شرّةٍ فترةٌ. فإنْ (1) صاحِبُها سدّدَ وقارَبَ فارجوا له، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه شيئًا» (2).

فسئل راوي الحديث ما معنى:

«أشير إليه بالأصابع»

فقال: هو المبتدع في دينه، الفاجر في دنياه.

وهذا موضعٌ يحتاج إلى تفصيلٍ؛ فإنّ النّاس إنّما يشيرون بالأصابع إلى من يأتيهم بشيءٍ، فبعضهم يعرفه وبعضهم لا يعرفه، فإذا مرّ أشار من يعرفه إلى من لا يعرفه: هذا فلانٌ، وهذا قد يكون ذمًّا له، وقد يكون مدحًا، فمن كان معروفًا باجتهادٍ وعبادةٍ وزهدٍ وانقطاعٍ عن الخلق، ثمّ انحطّ عن ذلك، وعاد إلى حال أهل الدُّنيا والشّهوات= إذا مرّ بالنّاس أشاروا إليه، وقالوا: هذا كان على طريق كذا وكذا، فُتِنَ وانقلب، فهو الذي (3) قال في الحديث:

«فلا تعدُّوه شيئًا»

لأنّه انقلب على عقبيه، ورجع بعد الشِّرّة إلى أسوأ فترةٍ.

وقد يكون الرّجل منهمكًا في الدُّنيا ولذّاتها، ثمّ يوقظه الله لآخرته، فيترك ما هو فيه، ويُقبِل على شأنه، فإذا مرّ أشار النّاس إليه بالأصابع، وقالوا: هذا كان مفتونًا ثمّ تداركه الله. فهذا كانت شرّته في المعاصي ثمّ صارت في الطّاعات. والأوّل كانت في الطّاعات ثمّ فترت وعاد (4) إلى البدعة والفجور.

الصفحة

35/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !