{وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: 24]

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والحقائق معًا. ووصلوا ولكن إلى الحقائق الإلحاديّة الكفريّة (1)
{وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: 24]
،
{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43].
فأحسن ما حُمِل عليه قولُ الشّيخ رحمه الله: (ولم يقفوا مع رسمٍ): أنّهم لم ينقطعوا بشيءٍ سوى الله عنه، فكلُّ ما قَطَع عن الله لم يقفوا معه، وما أوصلهم إلى الله لم يفارقوه، وكان وقوفهم معه.
وقد يريد بقوله: (لم يوقَف لهم على رسمٍ) أنّهم لِعُلوِّ هممهم سبقوا النّاس في السّير، ولم يقفوا معهم، فهم المفرِّدون السّابقون، فلسَبْقِهم لم يوقَف لهم على أثرٍ في الطّريق، ولم يعلم المتأخِّر عنهم أين سلكوا! والمشمِّر بعدهم قد يرى آثار (2) نيرانهم على بُعْدٍ عظيمٍ، كما يرى الكوكب (3)، ويستخبر مَن رآهم؟ وأينَ رآهم (4)؟ فحاله كما قيل (5):
أسائلُ عنكم كلَّ غادٍ ورائحٍ ... وأومي إلى أوطانكم وأسلِّم
العلامة الثّانية: قوله: (ولم يُنسبوا إلى اسمٍ) أي: لم يشتهروا باسمٍ (6) عند النّاس من الأسماء التي صارت أعلامًا لأهل الطّريق.