«إنكم ترون ربكم عيانًا، كما ترون القمر ليلة البدر في الصَّحو ليس دونه سحابٌ، وكما ترون الشمس في الظهيرة صحوًا ليس دونها سحاب» (1)
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وكذلك قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
«إنكم ترون ربكم عيانًا، كما ترون القمر ليلة البدر في الصَّحو ليس دونه سحابٌ، وكما ترون الشمس في الظهيرة صحوًا ليس دونها سحاب» (1)
، ومعلومٌ أنَّ هذا البيان والكشف والاحتراز ينافي إرادة التأويل قطعًا، ولا يرتاب في هذا من له عقلٌ ودين. وقوله: (وظهرت شواهدها في الصنعة)، هذا هو الطريق الثاني من طرق إثبات الصِّفات، وهو دلالة الصَّنعة عليها، فإنَّ المخلوق يدلُّ على وجود خالقه، وعلى حياته، وعلى قدرته، وعلى علمه ومشيئته، فإنَّ الفعل الاختياريَّ يستلزم ذلك استلزامًا ضروريًّا. وما فيه من الإتقان والإحكام ووقوعه على أكمل الوجوه يدلُّ على حكمة فاعله وعنايته. وما فيه من الإحسان والنفع، ووصولِ المنافع العظيمة إلى المخلوق يدلُّ على رحمة خالقه، وإحسانه وجوده. وما فيه من آثار الكمال يدلُّ على أنَّ خالقه أكمل منه، فمعطي الكمال أحقُّ بالكمال، وخالق الأسماع والأبصار والنُّطق أحقُّ بأن يكون سميعًا بصيرًا متكلِّمًا، وخالق الحياة والعلوم والقُدَر والإرادات أحقُّ بأن يكون هو كذلك في نفسه. فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات من أدلِّ شيءٍ على إرادة الربِّ تعالى ومشيئته وحكمته التي اقتضت التّخصيص. وحصولُ الإجابة عقيب سؤال المطلوب على الوجه المطلوب دليلٌ