
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الوجود، فهمُّه عمارة وقته الذي هو مادَّة حياته الباقية.
ومن علاماته: أنَّه مستأنسٌ بربِّه، مستوحشٌ ممَّن يقطعه عنه. ولهذا قيل: العارف من أنس بالله فأوحشه من الخلق، وافتقر إلى الله فأغناه عنهم، وذلَّ لله فأعزَّه فيهم، وتواضع لله فرفعه بينهم، واستغنى بالله فأحوجهم إليه (1).
وقيل: العارف فوق ما يقول، والعالم دون ما يقول (2). يعني أنَّ العالم علمُه أوسع من حاله وصفته، والعارف حاله وصفته فوق كلامه وخبره.
وقال أبو سليمان الدارانيُّ: إنَّ الله تعالى يفتح للعارف (3) على فراشه ما لا يفتح له وهو قائمٌ يصلِّي (4). وقال غيره: العارف تنطق المعرفة على قلبه (5) وحاله وهو ساكتٌ (6).
وقال ذو النُّون: لكلِّ شيءٍ عقوبةٌ، وعقوبة العارف انقطاعه عن ذكر الله (7).
وقال بعضهم: رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين (8). وهذا