{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: 45]

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
«التصديق» (1).
الثاني: أنَّ المعرفة في الغالب تكون لِما غاب عن القلب بعد إدراكه، فإذا أدركه قيل: عرفه، أو تكون لِما وُصف له بصفاتٍ قامت في نفسه، فإذا رآه وعلم أنَّه الموصوف بها قيل: عرفه، قال تعالى:
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: 45]
، وقال:
{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [يوسف: 58]
، وقال:
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146]
، لمَّا كانت صفاته معلومةً عندهم فرأوه، عرفوه بتلك الصِّفات.
وفي الحديث الصحيح:
«إنَّ الله سبحانه يقول لآخر أهل الجنَّة دخولًا: أتعرف الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول: نعم، فيقول: تمنَّ، فيتمنَّى على ربِّه» (2).
وقال تعالى:
{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89].
فالمعرفة تشبه الذِّكر النفسي (3)، وهو حضور ما كان غائبًا عن الذِّكر.