مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ويخلِّص من التردُّد، ويدعو إلى مجانبة الأغراض)؛ فالاتِّصال في هذه الدرجة بهذا القصد. قوله: (ثمَّ تصفية الإرادة)، هو تخليصها من الشوائب وتعلُّقها بالسِّوى أو بالأعواض، بل تكون إرادةً صافيةً من ذلك كلِّه، بحيث تكون متعلِّقةً بالله وبمراده الدينيِّ الشرعيِّ، كما تقدَّم بيانه. قوله: (ثمَّ تحقيق الحال) أي: يكون له حالٌ محقَّقٌ ثابت، لا يكتفي بمجرَّد العلم حتَّى يصحبه العمل، ولا بمجرَّد العمل حتَّى يصحبه الحال، فتصير الإرادة والمحبَّة والإنابة والتوكُّل وحقائق الإيمان حالًا لقلبه، قد انصبغ قلبه بها بحيث لو تعطَّلت جوارحه كان قلبه في العمل والسَّيرِ إلى الله، وربَّما يكون عملُ قلبه أقوى من عمل جوارحه. قوله (1): (الدرجة الثانية: اتِّصال الشُّهود، وهو الخلاص من الاعتلال، والغنى عن الاستدلال، وسقوط شتات الأسرار). الاعتلال هو العوائق والعلل، والخلاص منها هو الصحَّة. ولهذا كانت هذه الدرجة أعلى ممَّا قبلها، فإنَّ الأولى اتِّصالٌ بصحَّة القصود والأعمال، وهذه اتِّصالٌ برؤيةِ مَنِ العملُ له، على تحقيق مشاهدته بالبصيرة، فيتخلَّص (2) العبد بذلك مِن عِلَل الأعمال واستكثارها واستحسانها والسُّكون إليها.