{(45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ}.

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فالشيخ أحال باستشهاده بالآية في الباب المذكور على ما تقدَّم له في الخطبة. ووجه الإشارة بالآية يعلم من قوله:
{(45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ}.
والقبض في هذا الباب لم يرد به قبض الإضافة، ولهذا قال الشيخ (1): (القبض في هذا الباب اسمٌ يشار به إلى مقام الضَّنائن الذين ادَّخرهم الحقُّ اصطناعًا لنفسه).
فالقبض نوعان: قبضٌ في الأحوال، وقبضٌ في الحقائق.
فالقبض في الأحوال أمرٌ يطرق القلب يمنعه عن الانبساط والفرح، وهو نوعان أيضًا:
أحدهما: ما يعرف سببه، مثل تذكُّر ذنبٍ أو تفريطٍ أو بُعدٍ أو جفوةٍ، أو حدوث ذلك.
والثاني: ما لا يعرف سببه، بل يهجم على القلب هجومًا لا يقدر على التخلُّص منه. وهذا هو القبض المشار إليه على ألسنة القوم، وضدُّه البسط. فالقبض والبسط عندهم حالتان للقلب لا يكاد ينفكُّ منهما.
وقد قال أبو القاسم الجنيد: في معنى القبض والبسط معنى الخوف والرّجاء، فالرجاء (2) يبسط إلى الطاعة، والخوف يقبض عن (3) المعصية (4).