مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

8446 3

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وجمعُ الخواطر والعزوم في التّوجُّه إليه سبحانه، لا الجمع الذي هو حضرة الوجود؛ لأنّه قد ذكر حياة هذا الجمع في الدّرجة الثّالثة، وسمّاها حياة الوجود. وإنّما كان جمع القلب على الله والخواطرِ على المسير إليه حياةً حقيقيّةً؛ لأنّ القلب لا سعادة له ولا فلاح ولا نعيم ولا فوز ولا لذّة ولا قوة إلّا بأن يكون الله وحده هو غاية طلبه ونهاية قصده، ووجهُه الأعلى هو كلُّ بغيته، فالتّفرقة المتضمِّنة للإعراض عن التّوجُّه إليه واجتماعِ القلب عليه هي مرضه إن لم يمتْ منها. (ولهذه الحياة ثلاثة أنفاسٍ: نفس (1) الاضطرار)، وذلك لانقطاع أمله ممّا سوى الله، فيضطرُّ حينئذٍ بقلبه وروحه ونفسه وبدنه إلى ربِّه ضرورةً تامّةً، بحيث يجد في كلِّ منبتِ شعرةٍ منه فاقةً تامّةً إلى ربِّه ومعبوده، فهذا النّفس نفسُ مضطرٍّ إلى ما لا غنى له عنه طرفةَ عينٍ، وضرورته إليه من جهة كونه ربَّه، وخالقَه، وفاطره، وحافظه، ومعينه، ورازقه، وهاديه، ومعافيه، والقائم بجميع مصالحه، ومن جهة كونه معبودَه وإلهه، وحبيبه الذي لا تكمل حياته ولا تنفع إلّا بأن يكون هو وحده أحبَّ شيءٍ إليه، وأشوقَ شيءٍ إليه. وهذا الاضطرار اضطرار

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}

، والاضطرار الأوّل اضطرار

{إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

ولعمر الله إنّ نفس الافتقار هو هذا النّفس أو من نوعه، ولكنّ الشّيخ جعلهما نفسين، فجعل نفس الاضطرار بدايةً، ونفس الافتقار توسُّطًا، ونفس

الصفحة

203/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !