{(151) فَاذْكُرُونِي} [البقرة: 152].

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومنها: قوله تعالى:
{(151) فَاذْكُرُونِي} [البقرة: 152].
ومنها: قوله:
«مَنْ ذَكرَني في نفسه ذكرتُه في نفسي، ومن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منه» (1).
ومنها: قوله:
«مَن تقرّبَ منِّي شِبرًا تقرّبتُ منه ذراعًا»
الحديث.
فالعبد لا يزال رابحًا على (2) ربِّه أفضلَ ممّا تقرَّب (3) به له، وهذا المتقرِّب بروحه وقلبِه وعملِه يُفتَح عليه بحياةٍ لا تُشبِه ما النّاس فيه من أنواع الحياة، بل حياة من ليس كذلك بالنِّسبة إلى حياته، كحياة الجنين في بطن أمِّه بالنِّسبة إلى حياة أهل الدُّنيا ولذّتهم (4) فيها، بل أعظم من ذلك.
فهذا أُنموذجٌ من بيان شرفِ هذه الحياة وفضلها، وإن كان علمُ هذا يوجب لصاحبه حياةً طيِّبةً، فكيف إن (5) انصبغ القلب به، وصار حالًا ملازمًا لذاته؟ فالله المستعان.
فهذه الحياة هي حياة الدُّنيا ونعيمها في الحقيقة، فمن فقدَها ففقدُه (6) لحياته الطّبيعيّة أولى به.
هذي حياةُ الفتى فإن فُقِدَتْ ... ففقدُه للحياة أليقُ بِهْ (7)