مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

6292 2

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

يسمع هؤلاء، وإذا كانت الحياة بين الحسِّ والحركة وملزومهما، فهذه القلوب لمّا لم تُحِسَّ بالعلم والإيمان ولم تتحرّك له= كانت ميتةً حقيقةً، وليس هذا تشبيهًا بموت البدن، بل ذلك موت القلب والرُّوح. وقد ذكر الإمام أحمد في كتاب «الزُّهد» (1) من كلام لقمان، أنّه قال لابنه: جالسِ العلماءَ، وزَاحِمْهم بركبتيك، فإنّ الله يُحيِي القلوبَ بنور الحكمة، كما يُحِيي الأرضَ بوابلِ القَطْر. وقال معاذ بن جبلٍ:

تعلَّموا العلمَ، فإنّ تعلُّمه لله خشيةٌ، وطلبه عبادةٌ، ومذاكرتهٌ تسبيحٌ، والبحث عنه جهادٌ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقةٌ، وبذْله لأهله قربةٌ؛ لأنّه مَعالمُ الحلال والحرام، ومنار سبيل أهل الجنّة، وهو الأنيس في الوحشة، والصّاحب في الغربة، والمحدِّث في الخلوة، والدّليل على السّرّاء والضّرّاء، والسِّلاح على الأعداء، والزَّين عند الأخلّاء، يرفع الله به أقوامًا، فيجعلهم في الخير قادةً، فإنّه تُقتصُّ آثارُهم (2)، ويُقتدى بفعالهم، ويُنتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خُلَّتهم، وبأجنحتها تمسحُهم، يستغفر لهم كلُّ رَطْبٍ ويابسٍ، وحيتانُ البحر وهوامُّه، وسباع البَرِّ وأنعامه؛ لأنّ العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظُّلَم، يبلُغ العبد بالعلم منازلَ الأخيار والدّرجاتِ العلى في الدُّنيا والآخرة، التّفكُّر فيه يَعدِلُ الصِّيام، ومدارسته تَعدِلُ القيام، به تُوصَل الأرحام، وبه يُعرَف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعُه، يُلْهَمُه السُّعداء، ويُحْرَمُه الأشقياء.

رواه 

الصفحة

166/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !