تعلَّموا العلمَ، فإنّ تعلُّمه لله خشيةٌ، وطلبه عبادةٌ، ومذاكرتهٌ تسبيحٌ، والبحث عنه جهادٌ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقةٌ، وبذْله لأهله قربةٌ؛ لأنّه مَعالمُ الحلال والحرام، ومنار سبيل أهل الجنّة، وهو الأنيس في الوحشة، والصّاحب في الغربة، والمحدِّث في الخلوة، والدّليل على السّرّاء والضّرّاء، والسِّلاح على الأعداء، والزَّين عند الأخلّاء، يرفع الله به أقوامًا، فيجعلهم في الخير قادةً، فإنّه تُقتصُّ آثارُهم (2)، ويُقتدى بفعالهم، ويُنتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خُلَّتهم، وبأجنحتها تمسحُهم، يستغفر لهم كلُّ رَطْبٍ ويابسٍ، وحيتانُ البحر وهوامُّه، وسباع البَرِّ وأنعامه؛ لأنّ العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظُّلَم، يبلُغ العبد بالعلم منازلَ الأخيار والدّرجاتِ العلى في الدُّنيا والآخرة، التّفكُّر فيه يَعدِلُ الصِّيام، ومدارسته تَعدِلُ القيام، به تُوصَل الأرحام، وبه يُعرَف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعُه، يُلْهَمُه السُّعداء، ويُحْرَمُه الأشقياء.
