الجنّة فارْتَعُوا» (1).

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الجنّة فارْتَعُوا» (1).
قالوا: وما رياض الجنّة؟ قال:
«حِلَقُ الذِّكر» (2).
ومنه قوله:
«ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنّة» (3)
، فهو روضةٌ لأهل العلم والإيمان، لِما يقوم بقلوبهم من شواهد الجنّة، حتّى كأنّها لهم رأيَ عينٍ، وإذا قعد المنافق هناك لم يكن ذلك المكان في حقِّه روضةً من رياض الجنّة. ومن هذا قوله:
«الجنّة تحت ظلال السُّيوف» (4).
فالعمل إنّما هو على الشّواهد، وعلى حسب شاهد العبد يكون عملُه.
ونحن نشير بعون الله وتوفيقه إلى الشّواهد إشارةً يُعلَم بها حقيقة الأمر.
فأوّل شواهد السّائر إلى الله والدّار الآخرة: أن يقوم به (5) شاهدٌ من الدُّنيا وحقارتها، وقلّة وفائها، وكثرة جفائها، وخِسَّة شركائها، وسرعة انقضائها، ويرى أهلها وعشّاقها صَرْعى حولَها، قد بَدَّعتْ (6) بهم، وعذَّبتْهم