«إنّما أنت من إخوان الكهَّان» (1).

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المؤمنين والكفّار والأبرار والفجَّار، كالكشف عمَّا في دار العبد، أو في يده، أو تحت ثيابه، أو ما حملَتْ به امرأته بعد انعقاده ذكرًا أو أنثى، وما غاب عن العيان من أحوال البلد الشّاسع ونحو ذلك، فإنّ ذلك يكون من الشّيطان تارةً، ومن النّفس تارةً، ولذلك يقع من الكفّار، كالنصارى وعابدي النِّيران والصُّلبان، فقد كاشفَ ابنُ صيّادٍ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بما أضمره له وخَبَأه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«إنّما أنت من إخوان الكهَّان» (1).
فأخبر أنّ ذلك الكشف من جنس كشف الكهّان، وأنّ ذلك قدره. وكذلك مسيلمة الكذّاب مع فرط كفره كان يُكاشف أصحابَه بما فعله أحدهم في بيته وما قال لأهله، يخبره به شيطانُه ليُغوِي الناس (2). وكذلك الأسود العَنْسيُّ (3)، والحارث المتنبِّي الدِّمشقيُّ (4) الذي خرج في دولة عبد الملك بن مروان، وأمثال هؤلاء ممّن لا يُحصِيهم إلّا الله. ورأينا نحن وغيرنا منهم جماعةً، وشاهد النّاس من كشف الرُّهبان عُبّادِ الصليب ما هو معروفٌ.
والكشف الرحمانيُّ من هذا النوع: هو مثل كشف أبي بكرٍ لمّا قال