مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمّا بالنِّسبة إلى غيرك فاتّهِمْ آراء الرِّجال على نصوص الوحي، وليكن ردُّها أيسرَ شيءٍ عليك للنُّصوص، فما لم تفعل ذلك فلستَ على شيءٍ ولو ... ولو ... ، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء.
قال الشّافعيُّ قدّس الله روحه: وأجمع المسلمون على أنّ من استبانتْ له سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحلَّ له أن يدَعَها لقول أحدٍ (1).
الثّالث: أن (2) لا يجد إلى خلاف النّصِّ سبيلًا البتّةَ، لا بباطنه، ولا بلسانه، ولا بفعله، ولا بحاله. بل إذا أحسَّ بشيءٍ من الخلاف فهو كخلاف المُقْدِم على الزِّنا، وشرب الخمر، وقتل النّفس. بل هذا الخلاف أعظم عند الله من ذلك، وهو داعٍ إلى النِّفاق، وهو الذي خافه الكبار والأئمّةُ على نفوسهم.
واعلم أنّ المخالف للنّصِّ لقول متبوعه وشيخه ومقلَّدِه، أو لرأيه ومعقوله وذوقه وسياسته، إن كان عند الله معذورًا ــ ولا والله ما هو بمعذورٍ ــ فالمخالف لقوله لنصوص الوحي أولى بالعذر عند الله وعند رسوله، وملائكته والمؤمنين من عباده.
فواعجبًا! إذا اتّسع بِطانُ (3) المخالفين للنُّصوص لعذر من خالفها (4)