
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ويُذكر أنّ أبا ذرٍّ عيَّر بلالًا بسواده، ثمّ إنه نَدِم، فألقى نفسَه وحلف: لا رفعتُ رأسي حتّى يطأَ بلالٌ خدِّي بقدمِه. فلم يرفع رأسه حتّى فعل بلالٌ (1).
وقال رجاء بن حَيْوة: قَوّمتُ ثيابَ عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - ــ وهو يخطب ــ باثني عشر درهمًا، وكانت قَباءً وعمامةً وقميصًا وسراويل ورداءً وخفّين وقلنسوةً (2).
ورأى محمّد بن واسعٍ ابنًا له يمشي مِشيةً منكرةً، فقال: تدري بكم اشتريتُ أمّك؟ بثلاثمائة درهمٍ، وأبوك ــ لا أكثرَ الله في المسلمين مثلَه ــ أنا (3)، وأنت تمشي هذه المِشية (4)!
وقال حَمْدون القصّار - رحمه الله -: التّواضع أن لا ترى لأحدٍ إلى نفسك حاجةً، لا في الدِّين ولا في الدُّنيا (5).
وقال إبراهيم بن أدهم: ما سُرِرتُ في إسلامي إلّا ثلاثَ مرّاتٍ: كنت في سفينةٍ، وفيها رجلٌ مِضحاكٌ كان يقول: كنّا في بلاد التُّرك نأخذ العِلْجَ هكذا، وكان يأخذ بشعر رأسي ويَهُزُّني، لأنّه لم يكن في تلك السّفينة أحدٌ أحقر منِّي. والأخرى: كنتُ عليلًا في مسجدٍ، فدخل المؤذِّن وقال: اخرجْ. فلم أُطِقْ،