{ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} [طه: 40].

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومنها الوقت.
قال صاحب «المنازل» (1): (باب الوقت. قال الله تعالى:
{ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} [طه: 40].
الوقت اسمٌ لظرف الكون, وهو اسمٌ في هذا الباب لثلاث معانٍ على ثلاث درجاتٍ. المعنى الأوّل: حينُ وجدٍ صادقٍ (2)، لإيناسِ ضياءِ فضلٍ جذَبَه صفاءُ رجاءٍ، أو لعصمةٍ (3) جذَبها صدقُ خوفٍ, أو لتلهُّبِ شوقٍ جذَبَه اشتعالُ محبّةٍ).
وجه استشهاده بالآية: أنّ الله سبحانه قدَّر مجيء موسى أحوجَ ما كان الوقت إليه، فإنّ العرب تقول: جاء فلانٌ على قَدَرٍ، إذا جاء وقتَ الحاجة إليه. قال جريرٌ (4):
نال الخلافةَ أو كانت على قَدَرٍ ... كما أتى ربَّه موسى على قَدَر
وقال مجاهدٌ: على موعدٍ (5). وهذا فيه نظرٌ، لأنّه لم يَسبِق بين الله سبحانه وبين موسى موعدٌ للمجيء حتّى يقال: إنّه أتى على ذلك الموعد. ولكنّ وجهَ هذا أنّ المعنى: جئتَ على الموعد الذي وعدناه (6) أن نُنجِزه،