
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
سبحانه أمر موسى أن ينظر إلى الجبل حين تجلّى له ربُّه، فرأى أثرَ التّجلِّي في الجبل، فخرَّ صعقًا.
قال الشّيخ (1): (اللّحظ: لَمْحٌ مُسْتَرَقٌ). الصّواب قراءة هذه الكلمة على الصِّفة بالتّخفيف، فوصف اللّمح بأنّه مسترقٌ، كما يقال: سارَقْتُه النّظرَ، وهو لَمْحٌ بخفيةٍ من حيثُ لا يشعر المَلْمُوح.
ولهذا الاستراق أسبابٌ:
منها: تعظيم الملموح وإجلاله، فالنّاظر يسارقه النّظر، ولا يُحِدُّه إليه إجلالًا له، كما كان أصحاب النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُحِدُّون النّظر إليه إجلالًا له. وقال عمرو بن العاص: لم أكن أملأ عينَيَّ منه إجلالًا له، ولو سُئلتُ أن أصِفَه لكم لما قدرتُ، لأنِّي لم أكن أملأ عينيَّ منه (2).
ومنها: خوف الملموح وسطوته.
ومنها: محبّته.
ومنها (3): الحياء منه.
ومنها: ضعف القوّة الباصرة عن التّحديق فيه. وهذا السّبب هو السّبب الغالب في هذا الباب.
ويجوز أن يُقرأ بكسر الرّاء وتشديد القاف، أي نظرٌ يسترِقُّ صاحبَه، أي