ومصباح الموحِّد السّالك على دَرْب الرّسول وطريقهِ يتوقَّدُ
{مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: 35].
قوله: (وذوقُ الهمّة طعْمَ الجمع)، جعل الهمّة ذائقةً والذّوق لصاحبها، توسُّعًا.
و «الهمّة» قد عبّر عنها الشّيخ فيما تقدّم بأنّها (ما يملك الانبعاث إلى المقصود صرفًا)، أي حالة وصفة لها سطوةٌ وملكةٌ، تحمل صاحبها على المقصود، وتبعثه عليه بعثًا لا يخالطه غيره. فالهمّة عندهم: طلب الحقِّ من غير التفاتٍ إلى غيره.
والجمع: شهود الفردانيّة التي تفنى فيها رسوم المشاهد، وهذا جمعٌ في الرُّبوبيّة. وأعلى منه: الجمع في الألوهيّة، وهو جمعُ قلبِه وهمِّه (1) وسِرِّه على محبوبه ومراضيه ومراده منه، فهو عكوف القلب بكلِّيّته على الله، لا يلتفت عنه يَمنةً ولا يَسرةً. فإذا ذاقت الهمّة طعم هذا الجمع اتّصلَ اشتياق صاحبها، وتأجّجتْ نيران المحبّة والطّلب في قلبه، وعدَّ صبره عن محبوبه من أعظم كبائره. كما قيل (2):