«حتّى تَذُوقِي عُسَيلتَه، ويذوقَ عُسَيلتَكِ» (3).

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إذا خالطَ بشاشةَ القلوب (1). فاستدلّ بما يحصل لأتباعه من ذوق الإيمان ــ الذي إذا خالطت بشاشة (2) القلوب لم يَسخَطْه ذلك القلبُ أبدًا ــ على أنّه دعوة نبوّةٍ ورسالةٍ، لا دعوة ملكٍ ورياسةٍ.
والمقصود: أنّ ذوق حلاوة الإيمان والإحسان أمرٌ يجده القلب، يكون نسبته إليه كنسبة ذوق حلاوة الطّعام إلى الفم، وذوقِ حلاوة الجماع إلى آلتِه، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«حتّى تَذُوقِي عُسَيلتَه، ويذوقَ عُسَيلتَكِ» (3).
وللإيمان طَعمٌ وحلاوةٌ يتعلّق بهما ذوقٌ ووجدٌ، ولا تزول الشُّبَه والشُّكوك إلّا إذا وصل العبد إلى هذه الحال، فيباشر الإيمان قلبه حقيقةَ المباشرة، فيذوق طَعْمَه ويجد حلاوتَه.
فصل
قال صاحب «المنازل» (4): (باب الذّوق. قال الله تعالى:
{(48) هَذَا ذِكْرٌ} [ص: 49]
).
في تنزيل هذه الآية على الذّوق صعوبةٌ، والّذي يظهر ــ والله أعلم ــ أنّ الشّيخ أراد: أنّ الذّوق مقدِّمة الشُّرب، كما أنّ التذكير (5) مقدِّمة المعرفة،