مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

14273 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

بمثلها شاهدُ حالٍ لمريدٍ آخر صادقٍ قد سبقه إليها استأنس بها أعظمَ استئناسٍ، واستدلَّ بشاهدِ ذلك المريد على صحّة شاهده، فلذلك يشتدُّ عطشُه إلى شاهدٍ يَرويه عن الصّادقين. ويحتمل أنّه من الرِّيِّ، فيكون مضموم الياء، إذا حصل له الرِّيُّ بذلك الشّاهد، ونزلَ على قلبه منزلةَ الماء البارد من الظّمآن، فقرَّتْ عنده صحّتُه، وأنّه شاهد حقٍّ. ويُرجِّح هذا ذكْرُ الرّيِّ مع العطش، ويرجِّح الأوّل: ذِكره لفظةَ الرِّيِّ في قوله: «أو عطفةٍ ترويه»، والأمر قريبٌ. قوله: (أو إشارةٍ تَشفيه)، أي تَشفي قلبَه من علّةٍ عارضةٍ، فإذا وردتْ عليه الإشارة ــ إمّا من صادقٍ مثله، أو من عالمٍ، أو من شيخِ مسلكٍ، أو من آيةٍ فهِمَها، أو عبرةٍ ظفِرَ بها ــ اشتفى بها قلبه. وهذا معلومٌ عند من له ذوقٌ. قوله: (أو إلى عطفةٍ تُروِيه)، أي عطفةٍ من جانب محبوبه عليه، تُروِي لهيبَ عطشِه وتَرُدُّه، فلا شيء أروى لقلب المحبِّ من عطف محبوبه عليه، ولا شيء أشدُّ للهيبِه وحريقِه من إعراض محبوبه عنه. ولهذا كان عذابُ أهل النّار باحتجاب ربِّهم عنهم أشدَّ عليهم ممّا هم فيه من العذاب الجسمانيِّ، كما أنّ نعيم أهل الجنّة ــ برؤيته تعالى وسماع خطابه ورضاه وإقباله ــ أعظمُ من نعيمهم الجسمانيِّ. فصل قال (1): (الدّرجة الثّانية: عطشُ السّالك إلى أجلٍ يَطْوِيه، ويومٍ يُرِيه

الصفحة

449/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !