مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

3136 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

فانظر إلى هذه الغيرة القبيحة، الدّالّة على جَهْل صاحبها، مع أنّه في خَفارة ذلِّه وتواضعه وانكساره واحتقاره لنفسه.

ومن هذا ما (1) يُحكى عن الشِّبليِّ - رحمه الله -: أنّه لمّا مات ابنه دخلَ الحمّام ونوَّرَ (2) لحيتَه، حتّى أذهب شَعرَها كلّه. فكلُّ من أتاه معزِّيًا قال: أيشٍ هذا يا أبا بكرٍ؟ قال: وافقتُ أهلي في قَطْع شعورهم. فقال له بعض أصحابه: أخبرني لمَ فعلتَ هذا؟ فقال: علمتُ أنّهم يُعزُّونني على الغفلة ويقولون: آجَرَك الله، ففديتُ ذِكرَهم لله بالغفلة بلحيتي (3).

فانظُرْ إلى هذه الغيرة المحرّمة القبيحة، التي تضمّنتْ أنواعًا من المحرّمات: حلق الشَّعر عند المصيبة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

«ليس منّا من حلقَ وسَلقَ وخرقَ» (4).

أي حلق شعرَه، ورفع صوتَه بالنّدب والنِّياحة، وخرقَ ثيابه.

ومنها: حلق اللِّحية، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعفائها وتوفيرها.

ومنها: منعُ إخوانه من تعزيته ونيلِ ثوابها.

ومنها: كراهيته (5) لجريان ذكرِ اسمِ الله على ألسنتهم بالغفلة. وذلك خيرٌ بلا شكٍّ من ترْكِ ذكره.

الصفحة

423/ 584

مرحبًا بك !
مرحبا بك !