مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
هم (1) أهلُ الأسماع والأبصار على الحقيقة، ومَن سواهم هم الصُّمُّ البُكْم الذين لا يعقلون.
الحادي والعشرون: ميلُك إلى الشّيء بكلِّيّتك، ثمّ إيثارُك له على نفسك وروحِك ومالِك، ثمّ موافقتُك له سِرًّا وجهرًا، ثمّ علمُك بتقصيرِك في حُبِّه (2).
قال الجنيد: سمعت الحارثَ المُحاسبيّ رحمهما الله يقول ذلك.
الثّاني والعشرون: المحبّة نارٌ في القلب تُحرِق ما سوى مراد المحبوب (3).
سمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: لُمْتُ بعضَ المباحيَّة (4)، فقال لي ذلك، ثمّ قال: والكونُ كلُّه مراده، فأيّ شيءٍ أبغضُ منه؟ قال الشّيخ: فقلت له: إذا كان المحبوب قد أبغضَ أفعالًا وأقوالًا وأقوامًا وعاداهم وطَردَهم ولَعنَهم فأحببتَهم أنتَ= كنتَ مواليًا للمحبوب أو معاديًا له؟ قال: فكأنّما أُلقِمَ حَجرًا (5)، وافتضَحَ بين أصحابه. وكان مقدّمًا فيهم مشارًا إليه.
وهذا الحدُّ صحيحٌ. وقائله إنّما أراد: أنّها تُحرِق من القلب ما سوى مراد المحبوب الدِّينيِّ الأمريِّ الذي يُحِبُّه ويرضاه، لا المراد الذي قدَّره وقضاه.