مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

10265 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

العشرون: غضُّ طَرْفِ القلب عمّا سوى المحبوب غيرةً، وعن المحبوب هيبةً (1). وهذا يحتاج إلى تبيينٍ: أمّا الأوّل: فظاهرٌ. وأمّا الثّاني: فإنّ غضَّ طَرْفِ القلب عن المحبوب مع كمالِ محبّته كالمستحيل، ولكن عند استيلاء سلطانِ الهيبة يقع مثل هذا، وذلك من علامات المحبّة المقارنة للهيبة والتّعظيم. وقد قيل: إنّ هذا تفسير قول النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

«حُبُّك الشّيءَ يُعمِي ويُصِمُّ» (2)

، أي يُعمِي عمّا سواه غيرةً، وعنه هيبةً. وليس هذا مراد الحديث، ولكنّ المراد به: أنّ حبّك للشّيء يُعمِي ويُصِمُّ عن تأمُّل قبائحه ومساويه, فلا تَراها ولا تَسمعها وإن كانت فيه. وليس المراد به: ذكر المحبّة المطلوبة المتعلِّقة بالرّبِّ, ولا يقال في حبِّ الرّبِّ تبارك وتعالى:

«حبُّك الشّيء»

, ولا يُوصف صاحبها بالعَمى والصَّمَم. ونحن لا ننكر المرتبتين المذكورتين، فإنّ المحبّ قد يَعمَى ويَصَمُّ عن سوى محبوبه، وقد يَعمَى ويَصَمُّ عنه بالهيبة والإجلال، ولكن لا تُوصَف محبّة العبد لربِّه تعالى بذلك. وليس أهلها من أهل العَمى والصَّمَم، بل 

الصفحة

377/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !