مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

14274 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وسبب صحّة هذا الأمن المقوِّي للسُّكون شَبهُه بالعيان، بحيث لا يبقى معه شيءٌ من مجوِّزات (1) الظُّنون والأوهام، بل كأنّ صاحبه يُعايِن ما يطمئنُّ به، فيأمن به اضطرابَ قلبه وقلَقَه وارتيابَه.

وأمّا الفَرقانِ اللّذان ذكرهما بينها وبين السّكينة، فحاصلُ (2) الفرقِ الأوّل: أنّ السّكينة تصول على الهيبة الحاصلة في القلب، فتُخمِدها في بعض الأحيان، فيسكُن القلب من انزعاج الهيبة بعضَ السُّكون. وذلك في بعض الأوقات، فليس حكمًا دائمًا مستمرًّا. وهذا يكون لأهل الطُّمأنينة دائمًا، ويصحبه الأمن والرّاحة بوجود الأنس. فإنّ الاستراحة في السّكينة قد تكون من الخوف والهيبة فقط، والاستراحة في منزل الطُّمأنينة تكون مع زيادة أنسٍ، وذلك فوق مجرّد الأمن (3)، وقدرٌ زائدٌ عليه.

وحاصلُ الفرق الثّاني: أنّ الطُّمأنينة ملكةٌ ومقامٌ لا يفارق. والسّكينة تنقسم إلى سكينةٍ هي مقامٌ ونعتٌ لا يزول، وإلى سكينةٍ تكون وقتًا دون وقتٍ. هذا حاصل كلامه.

والّذي يظهر لي في الفرق بينهما أمران سوى ما ذكر:

أحدهما: أنّ ظفره وفوزه بمطلوبه الذي حصل له: السّكينة، فالسكينةُ بمنزلة من واجهه عدوٌّ يريد هلاكه، فهرب منه عدُّوه، فسكن روعُه. والطُّمأنينة بمنزلة حصنٍ رآه مفتوحًا فدخله، وأمِنَ فيه، وتقوَّى بصاحبه وعُدَّته. فللقلب ثلاثة أحوالٍ:

الصفحة

351/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !