{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
: منزلة الحكمة.
قال الله تعالى:
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269].
وقال:
{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].
وقال عن المسيح عليه السّلام:
{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 48].
الحكمة في كتاب الله نوعان: مفردةٌ، ومقرونةٌ (1) بالكتاب. فالمفردة فُسِّرت بالنُّبوّة، وفُسِّرت بعلم القرآن. قال ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما -: هي علم القرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدَّمه ومؤخَّره، وحلاله وحرامه، وأمثاله (2).
وقال الضّحّاك: القرآن والفهم فيه (3).
وقال مجاهدٌ: هي القرآن والعلم والفقه (4). وفي روايةٍ أخرى عنه: هي الإصابة في القول والفعل (5).