مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

14276 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

يشير القوم بالعلم اللّدنِّي إلى (1) ما يحصل للعبد بغير واسطةٍ، بل إلهامٍ من الله، وتعريفٍ منه لعبده، كما حصل للخضر عليه السّلام بغير واسطة موسى، قال تعالى:

{آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65].

وفرَّقَ بين الرّحمة والعلم، وجعلهما «من عنده» و «من لدنه» إذ لم ينلهما على يد بشرٍ، وكان ما لدنه أخصَّ وأقرب مما عنده، ولهذا قال تعالى:

{وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80].

فالسلطان النّصير الذي من لدنه سبحانه أخصُّ من الذي عنده وأقربُ. وهو نصْره الذي أيّده به. والّذي من عنده: نصْرُه بالمؤمنين، قال تعالى:

{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 62].

والعلم اللّدنِّيُّ (2) ثمرة العبوديّة والمتابعة، والصِّدق مع الله، والإخلاص له، وبذلِ الجهد في تلقِّي العلم من مشكاة رسوله من كتابه وسنة رسوله، وكمالِ الانقياد له. فيفتح له من فهم الكتاب والسُّنّة بأمرٍ يخصُّه به، كما قال عليُّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - ــ وقد سئل هل خصَّكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيءٍ دون النّاس؟ ــ فقال: لا والّذي فَلَقَ الحبّةَ، وبرأَ النّسمةَ، إلّا فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه (3).

فهذا هو العلم اللّدنِّيُّ الحقيقيُّ، وأمّا علمُ من أعرض عن الكتاب والسُّنّة ولم يتقيّد بهما: فهو من لَدُنِ النّفس والشّيطان، فهو لدنّيٌّ لكن مِن لَدُنْ مَن؟

الصفحة

289/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !