
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يعني: أنّ كلّ متوجِّهٍ إلى الله بالصِّدق والإخلاص فإنّه من المهاجرين إليه، فلا ينبغي أن يتخلَّف عن هذه الهجرة، بل يصحبها سرمدًا حتّى يلحَقَ بالله.
فما هي إلّا ساعةٌ ثمّ تنقضي ... ويَحمَدُ غِبَّ السَّيرِ مَن هو سائرُ (1)
ولله على كلِّ قلبٍ هجرتان (2)، وهما فرضٌ لازمٌ له على الأنفاس:
هجرةٌ إلى إلهه بالتّوحيد والإخلاص، والإنابة والحبِّ، والخوف والرّجاء، والعبوديّة.
وهجرةٌ إلى رسوله بالتّحكيم له، والتّسليم والتّفويض والانقياد لحكمه، وتلقِّي أحكام الظّاهر والباطن من مشكاته. فيكون تقيُّده (3) به أعظمَ من تقيُّدِ الرَّكْب بالدّليل الماهر في ظُلَم اللّيل ومتاهاتِ الطّريق.
فما لم يكن لقلبه هاتان الهجرتان فلْيَحْثُ على رأسه الرّماد، ولْيراجعِ الإيمانَ من أصله، فيرجع وراءه يقتبس نورًا، قبلَ أن يُحال بينه وبينه ويُقال له ذلك على الصِّراط من وراء السُّور. والله المستعان.