{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
: منزلة الإحسان. وهي لبُّ الإيمان وروحه وكماله، وهذه المنزلة تجمع جميعَ المنازل، فجميعها منطويةٌ فيها. وكلُّ ما قيل من أوّل الكتاب إلى هاهنا فهو من الإحسان.
قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (1) ــ وقد استشهد على هذه المنزلة بقوله تعالى:
{(59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا} [الرحمن: 60]
ــ: (فالإحسان: جامعٌ لجميع أبواب الحقائق، وهو أن تعبد الله كأنّك تراه).
فأمّا الآية، فقال ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - والمفسِّرون: هل جزاء من قال: لا إله إلّا الله وعمل بما جاء به محمّدٌ - صلى الله عليه وسلم - إلّا الجنّة؟ (2).
وقد رُوي عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قرأ
{(59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا}
ثمّ قال:
«هل تدرون ما قال ربُّكم؟»
قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (يقول: هل جزاء من أنعمت عليه بالتّوحيد إلّا الجنّة؟) (3).