
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وجهٍ.
فالفقر ذاتيٌّ للعبد، وإنّما يتجدّد له شهودُه ووجوده حالًا، وإلّا فهو حقيقته. كما قال شيخ الإسلام ابن تيميّة قدَّس الله روحه (1):
والفقر لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ (2) أبدًا ... كما الغِنى أبدًا وصفٌ له ذاتي
وله آثارٌ وعلاماتٌ وموجباتٌ وأسبابٌ أكثر إشارات القوم إليها. كقول بعضهم (3): الفقير لا تَسبِقُ هِمّتُه خُطوتَه.
يريد: أنّه ابنُ حالِه ووقته، فهمّته مقصورةٌ على وقته لا تتعدّاه.
وقيل: أركان الفقر أربعةٌ: علمٌ يَسُوسه، وورعٌ يَحجِزُه، ويقينٌ يَحمِله، وذِكرٌ يُؤنِسه (4).
وقال الشِّبليُّ - رحمه الله -: حقيقة الفقر أن لا يستغني بشيءٍ دون الله (5).
وسئل سهل بن عبد الله - رحمه الله -: متى يستريح الفقير؟ فقال: إذا لم يرَ لنفسه غيرَ الوقت الذي هو فيه (6).
وقال أبو حفصٍ - رضي الله عنه -: أحسنُ ما يتوسّل به العبد إلى الله: دوامُ