{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: 60].

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والصّحيح: أنه ــ لفقرهم وعجزهم وضعفهم ــ لا يستطيعون ضربًا في الأرض، ولكمال عفّتهم وصيانتهم يحسبُهم من لم يعرف حالَهم أغنياء.
والموضع الثّاني: قوله تعالى:
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: 60].
والموضع الثّالث: قوله تعالى:
{النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ} [فاطر: 15].
فالصِّنف الأوّل: خواصُّ الفقراء. والثّاني: فقراء المسلمين خاصُّهم وعامُّهم. والثّالث: الفقر العامُّ لأهل الأرض كلِّهم: غنيِّهم وفقيرِهم، مؤمنِهم وكافرِهم.
فالفقراء الموصوفون في الآية الأولى: يقابلهم أصحاب الجِدَة (1)، ومن ليس مُحصَرًا في سبيل الله، ومن لا يكتم فقره تعفُّفًا. فمقابلهم أكثر من مقابل الصِّنف الثّاني.
والصِّنف الثّاني: يقابلهم الأغنياء أهل الجِدَة. ويدخل فيهم المتعفِّف وغيره، والمُحصَر في سبيل الله وغيره.
والصِّنف الثّالث: لا مقابلَ لهم. بل الله وحدَه الغنيُّ، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه.
ومراد القوم بالفقر شيءٌ (2) أخصُّ من هذا كلِّه. وهو تحقيق العبوديّة