كان رسول الله يسير في طريق مكّة، فمرّ على جبلٍ يقال له جُمْدان، فقال: «سِيروا، هذا جُمدانُ، سَبقَ المفرِّدون». قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: «الذّاكرون الله كثيرًا والذّاكرات».

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ولقد ذكرتُكِ والرِّماحُ كأنّها ... أشطانُ بئرٍ في لَبانِ الأَدْهم وقال الآخر (1): ذكرتُكِ والخَطِّيُّ يَخْطِر بيننا ... وقد نَهِلَتْ منّا المثقَّفةُ السُّمْرُ وقال الآخر (2): ولقد ذكرتُكِ والرِّماحُ شَواجِرٌ ... نَحْوي وبِيضُ الهندِ تَقْطُر من دَمي وهذا كثيرٌ في أشعارهم، وهو ممّا يدلُّ على قوّة المحبّة، فإنّ ذكر المحبِّ محبوبه في تلك الحال التي لا يهمُّ المرء فيها غيرَ نفسه يدلُّ على أنّه عنده بمنزلة نفسه أو أعزُّ منها، وهذا دليلُ صدقِ المحبّة.
فصل
والذّاكرون هم أهل السَّبْق، كما روى مسلمٌ في «صحيحه» (3) من حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
كان رسول الله يسير في طريق مكّة، فمرّ على جبلٍ يقال له جُمْدان، فقال: «سِيروا، هذا جُمدانُ، سَبقَ المفرِّدون». قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: «الذّاكرون الله كثيرًا والذّاكرات».
والمفرِّدون: إمّا الموحِّدون وإمّا الآحاد الفُرادى (4).